التاجر الشاطر......
صفحة 1 من اصل 1
التاجر الشاطر......
التاجر الشاطر قيل إن إنساناً تاجراً، خبيراً بالفصوصٍ والخرز، عارفاً بجوهر اللؤلؤ؛ هذا ركب في سفينةٍ مع غلمانِه، وكانت معه جواهر جزيلة الثمن، وأشياء أخرى ثمينة، وكان في السفينةِ عدة نواتية. وكان بين النواتيةِ صبي، حسنٌ، هادئُ الحركةِ، هذا شكا لذلك التاجرِ بأنه يبغضُ صناعةَ البحرِ، كما يبغض معاشرةَ رفقته، لما هم عليه من العوائدِ الذميمةِ. ثم إن التاجرَ قال له: « لا يضيق عليك الأمرُ، فإذا سَهُلَتْ طرقُنا بمعونةِ الربِّ، وصعدتُ من هذه السفينةِ، أخذتُك معي، واعتنيتُ بمصالحك ». فطاب قلبُ الصبي بالكلامِ. وحدث في بعضِ الأيامِ، أن تشاورَ النواتيةُ فيما بينهم على أن يقذفوا بالتاجرِ وبغلمانِهِ إلى البحرِ، ومن أجلِ ما معه من المالِ، فلما أعلموا ذلك الصبيَ الذي كان صديقاً لذلك التاجرِ، أسرع وأخبرَه بما تشاورا عليه، فقال له التاجرُ: «هل أنت متحققٌ من ذلك» قال له: «نعم». حينئذ قام التاجر بسرعةٍ واستدعى غلمانَه، وقال لهم: «كلُّ ما آمركم به، افعلوه بسرعةٍ، لأنه إن تهاونتم، فسوف أموتُ أنا، وسوف تموتون أنتم أيضاً». ثم بَسط ملاية في وسطِ المركبِ، وقال لهم: «هاتوا ربوات الجواهر كلِّها»، فقدموها إليه، ففتحها وأفرغها قدام كلِّ من في المركبِ، وبدأ يقول: «هذا عدوي، وأنا أشفقُ عليه، هذا قاتلي، وأنا أحبُه، هذا مبعدي من الحياتين، فما انتفاعي به احملوا معي»، فحملوا معه، وبسرعةٍ طرح جميعَ الجواهرِ في البحرِ، فلما رأى الملاحون ذلك تحيروا في أمرهم، وانحلت مشورتهم، ثم أصبح يتصدق منهم الخبزَ، فالملاحون لما أبصروه على تلك الحالِ، رحموه، وبدأ هو يقول: « أشكرك يا ربُّ، لأنك أنهضتني لخلاصِ نفسي وجسدي، اليوم زالت عني قساوةُ القلبِ، وربحتُ تلك النفوسَ الهالكة، أولئك الذين بعمى قلوبهم تشاوروا، وبسببي طلبوا أن يسكنوا الجحيمَ المخلد َ». |
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى